الدكتور أشرف عطية.. يكتب / العلوم الانسانية والاجتماعية ( الجزء الثاني )
بقلم / الدكتور أشرف عطية رئيس مجلس إدارة مجموعة اوميجا جيت
نظرا لأهمية الموضوع وإستكمالا لمقال العلوم الانسانية والاجتماعية والذي تم نشر الجزء الأول منه ، حيث إنتهينا الى ان التنظيم الاجتماعي اول أحد الوظائف التي تقدمها العلوم الانسانية والاجتماعية والتي تم سردها في الجزء الأول ، وفيما يلي نستعرض باقي وظائف العلوم الانسانية والاجتماعية :
ثانيا : تنمية الموارد البشرية
إن العنصر البشري من أهم عناصر المجتمع ، فهو العنصر الأهم من حيث الموارد التي تمثل المزيج الانتاجي وهو حجر الزاوية فبدون العنصر البشري المؤهل تأهيلا جيدا وعلى مستوى عالي من الكفاءة والمهارات والتي ترتبط بالعلوم المختلفة والبنية المعلوماتية والتكنولوجية ، لايمكن للمجتمع والدولة تحقيق أهدافها وتنفيذ الخطط الاستراتيجية التي وضعت من أجل النمو والتنمية والتقدم حتى لو امتلكت الدولة أضخم الموارد الطبيعية والتقنية والامكانيات من الأجهزة والمعدات .
حيث تساهم وتدعم العلوم الانسانية والاجتماعية المشهد الثقافي للعنصر البشري لخدمة الانسان والحياة والمجتمع والبيئة والدولة بشكل عام ، وتساهم تلك العلوم من خلال علم الاجتماع وعلم النفس والفلسفة والآداب والسياسة والاقتصاد على تنمية قدرات الانسان وكشف لمواهبة وإبداعاته من خلال فهم الواقع الاجتماعي ، لتكون حاضنة لفلسفة الحياة الاجتماعية لترتقي بها الى معرفة قائمة على البناء والتواصل والتي بدورها تشكل طبيعة الحياة الانسانية في أي مجتمع ودولة .
والعلوم الانسانية والاجتماعية تنمي السلوك الاجتماعي للمتعلمين وتقدير كفاءاتهم وحقوقهم ومشاركتهم في بث وتعميق روح التآخي والتعاون فيما بينهم ، وتحمل المسئولية ، والاعتماد على النفس وضبطها ، كما أنها تساعد على التعاون والمشاركة الحقيقية مع النسيج الانساني والمجتمعي للدولة والانطلاق من خلالها للبناء والتنمية والتقدم .
كما أن علم النفس التربوي والاجتماعي يقوم ببناء الانسان والذي يعطيه وعيا بتركيبته البشرية وحاجاتها الى الالتحام مع المكونات الأخرى للحياة ، كم أن علوم الاقتصاد تكون المرشد والنور الذي يضيء للمجتمع الاحتياجات المتغيرة لسوق العمل من أجل تحسين وتطوير البرامج الدراسية والتجاوب معها وتطبيقها مما يؤدي الى زيادة وجودة الانتاج ورفع مستوى الخدمات ونوعيتها وجودتها وتقديم وتغليب المصالح العامه على المصالح الخاصة .
كما أن الاهتمام بعلوم الفلسفة يساهم في الدفع بالوعي العقلي الى التفكير الصحيح ، وكذلك الفنون والآداب وغيرها من المجالات العديدة والتي تهتم بها العلوم الانسانية والاجتماعية حيث تمثل المخرجات من تلك العلوم هدف اساسي لتطوير المجتمع والدولة في كافة المجالات .
ومما سبق نجد أن الفكر الانساني يتكون وينشأ وينمو ليكون داعم للبناء والتنمية والتقدم ، ويدعو الى التكامل في حركة المجتمع والدولة من خلال التركيز على توجيه الثقافة والعلوم والاداب والاقتصاد نحو النمو والتكامل والدمج والوصول الى نسيج مجتمعي خيوطه المواردالبشرية المؤهلة بتدريس العلوم الانسانية والاجتماعية بكل فروعها ومعارفها وعلومها ، وذلك من أجل مسيرة التقدم والنمو والطريق الصحيح للإرتقاء بمستويات الموارد البشرية العلمية والعملية .
لذا فقد تم اطلاق مصطلح رأس المال البشري على الموارد البشرية المؤهلة كأحد المقومات الاساسية لرفع تنمية القدرات والكفاءات البشرية في كل الجوانب العلمية والعملية والفنية والسلوكية لتكوين مزيج لمدخلات الانتاج والتقدم والرقي بالمجتمع والدولة .
لذا تعد الموارد البشرية أمرا في غاية الاهمية وحجر الزاوية لتحسين نوعية الحياة وخلق فرص عمل منتجة تساهم في الناتج المحلي الاجمالي والناتج القومي ، حيث يمثل العنصر البشري العمود الفقري ومحور التنمية والنمو والتقدم . فلا تنمية بدون الموارد البشرية المؤهلة والاستثمار فيها في اطار استراتيجية الدولة نحو التنمية وبرامج التنمية المستدامة .
وباختصار لابد من توضيح أن العلوم الانسانية والاجتماعية هي من أهم العلوم التي تبني فكر الانسان والتي تساهم وبقوة في بناء المجتمعات الحديثة والتي تسعى للتنمية والنمو والتقدم والتطور ، وماتقدمه العلوم الانسانية والاجتماعية مهم جدا لاستدامة هذا التقدم والتطور ، لأن العلوم الانسانية والاجتماعية تركز على الفرد وتمنحه الكثير من الاهمية والتأهيل والتهيأة ، لذا على وزارة التعليم في مصر الاهتمام بهذه العلوم وعدم إختزال وحذف المناهج الخاصة بالعلوم الانسانية من أجل مستقبل أبناء مصر ليكونوا شركاء فاعلين في بناء وطن يتسع الجميع وينعم فيه الشعب والمجتمع بكل سبل الراحه والرعاية بدلا من المعاناة والفقر والطبقية وغياب الخدمات والتي يواجهها المجتمع منذ سنوات عديدة ، وللحديث بقية
خالص تحياتي وتقديري
د. أشرف عطيه