أزمة الديون الأمريكية وزيادة الانفاق على عجز الموازنة في الإقتصادات الغربية يدفع الذهب للارتفاع
كتب إبراهيم أحمد
أوضح الدكتور محمد عبد الوهاب المحلل الاقتصادي والمستشار المالي، أن أسواق الذهب شهدت بعض التراجعات بعد صدور بيانات التوظيف الأمريكية، مما جعل السوق فى حالة من الإرتباك والتساؤلات هل يستمر الهبوط ويفقد الذهب بريق الإرتفاع الذى يعيش فيه منذ بداية أكتوبر 2022 ؟!.
وقال عبد الوهاب، إن الذهب فى منحنى صاعد حيث ارتطم بقاع عند 1643.70 دولار للأونصة فى 2-10-2022 ثم تحول الذهب بعدها للارتفاع إلى أن لامس قمته فى منتصف ابريل عند 2025 دولار، ومن ثما عاد الذهب مرة أخرى فى مرحلة تصحيحية ليستقر فيها أعلى 1945 دولار وبقى الذهب ما بين قمته الجديدة ومقاومة عند نقطة 1945 دولار يرتد عندها فى كل مرة يحاول الهبوط فيها يعود ويستقر قرابة ال2000 دولار.
وتابع الخبير الاقتصادي: ” تحول سعر الذهب إلى الهبوط بعد صدور بيانات التوظيف الأمريكية ليفقد الذهب 30 دولار حتى اقفال الأسواق مساء الجمعة حيث أفادت بإضافة وظائف بأكثر من المتوقع وأكثر من القراءة السابقة، بالتزامن مع ارتفاع معدل البطالة أيضًا بأكثر من التوقعات وأكثر من القراءة السابقة”.
وأشار الدكتور محمد عبد الوهاب، إلى أن بيانات التوظيف جاءت أكبر من التوقعات وأكبر من أرقام الشهر السابق بما يحفز الفيدرالي نحو تشديد وتيرة السياسة النقدية الفترة المقبلة لأن سوق العمل ما زال قويًا، ولكن يجب هنا مراعاة أنه على الرغم من ذلك ارتفعت البطالة مما يشير إلى ضعف سوق العمل، وبالتالي قد يحفز هذا الأمر الفيدرالي نحو تخفيف وتيرة تشديد السياسة النقدية.
ولفت الى أن البيانات المتضاربة، تظهر قوة سوق العمل فيما يتعلق بإضافة المزيد من الوظائف، ولكنها تشير أيضًا إلى حجم الضعف بعد ارتفاع معدل البطالة مقارنة بالتوقعات ولكن تفاعلت الأسواق مع قوة تقرير التوظيف في القطاع الخاص بشكل كبير مما أدى إلى الإنخفاض الذى نشهده حاليا بأسعار الذهب وارتفاع الدولار رغم المشاكل المالية التى تعيشها الولايات المتحدة الآمريكية خلال تلك الفترة والتى متوقع لها أن تستمر لفتره كبيرة قادمة حيث ان نجاح صفقة تسوية الديون الأمريكية فى مجلسي النواب والشيوخ لن يؤدي إلى إنهاء المشاكل المالية للبلاد، كما يتحدث الكثيرين.
وأكد الدكتور محمد عبد الوهاب، أنه من المتوقع أن تقفز أسعار الذهب صوب مستويات الـ 3000 دولار مع استمرار نمو الإنفاق على العجز في الاقتصادات الغربية، بقيادة الولايات المتحدة فمن المتوقع أن تبيع وزارة الخزانة الأمريكية ما يصل إلى 2 تريليون دولار من السندات على مدى السنوات العشر المقبلة.
ونوه المحلل الاقتصادي إلى أن المشكله تكمن فى مدى زيادة قلق المستثمرين بشأن حالة الجدل بين وزارة الخزانة والكونجرس ، مما سبنعكس على قوة الدولار والمؤكد حينها سنرى انخفاضا كبيرا فى قوة العملة وارتفاع غير عادى لأسعار الملاذ الأمن.
وتابع عبد الوهاب: ” يظل الذهب أحد الأصول الاستثمارية الأمنه والجذابة لجمهور المستثمرين وستصبح البنوك المركزية مجبرة على إنهاء إجراءات التشديد الكمي الخاصة بها ويتحولون إلى مشترين للملاذ الأخير لتمويل الإنفاق الحكومي.
واضاف عبد الوهاب: ” لا يخفى على أحد اننا نعيش اليوم حقبة جديدة لا تملك فيها البنوك المركزية خيار سوى خلق تضخمات نقدية لتمويل العجز المالي الهيكلي المستقبلي، حيث إن هذا العجز بدوره ناتج عن تصاعد طلبات الإنفاق الإلزامية والقواعد الضريبية والمزيج المتغير من القوى العاملة”.
وأشار الدكتور محمد عبد الوهاب، إلى أن رفاهية القدرة على استمالة المدخرات الأجنبية لمساعدة التمويل المحلي أقل احتمالًا نظرًا للتوترات الجيوسياسية المتزايدة، وبالتالي، فإننا نواجه عالماً من التيسير الكمي الدائم والتضخم المستمر.
ونقلاً عن بيانات من مكتب الميزانية في الكونجرس، بسبب ارتفاع التكاليف وانخفاض الإيرادات، من المتوقع أن يتضاعف الدين الحكومي تقريبًا إلى 46.4 تريليون دولار بحلول عام 2033، ارتفاعًا من 24.3 تريليون دولارًا في السنة المالية 2022.
في الوقت نفسه، من المتوقع أن يرتفع حجم الميزانية العمومية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بنسبة 50٪ في السنوات العشر المقبلة. وفي أسوأ السيناريوهات، يمكن أن ترتفع الميزانية العمومية للبنك المركزي بنسبة 75٪.
وأوضح عبد الوهاب، أنه باستخدام هذه الاستقراء البسيط، فإن زيادة التضخم النقدي الأمريكي بنسبة 75٪ ستأخذ أسعار الذهب بسهولة إلى مستويات الـ 3000 دولار أمريكي، حتى باستخدام متوسط السعر لعام 2022 كأساس.
ولفت عبد الوهاب، إلى جانب كونه تحوطًا في التضخم، لا يزال الذهب أداة تنويع جذابة مقابل الدولار الأمريكي، حيث إن البنوك المركزية ستواصل شراء الذهب لأن الإنفاق على العجز في الولايات المتحدة يجعل الدولار الأمريكي عملة احتياطية غير جذابة.