أنور ابو الخير.. يكتب : المعادلة الصعبة

أنور ابو الخير.. يكتب : المعادلة الصعبة

   تناولت قلمي وحاولت أن أخط به فإذا بالقلم لم يكن كعادته معي مطيعا ومساعدا بل أحسست به يتمرد علي ويأبى أن يكتب ما يمليه عليه عقلي وفكري ويعلن عصيانه لأوامري وسمعت صرخات تصدر من أعماقه فاستجبت لمطلبه وتركت له العنان ليخط ما بدا له فإذا هي كلمات تخرج من القلب فلعلها تعبر الآذان لتستقر في القلوب والوجدان

لا شك بأن الحياة کلها تجارب شتی سواء سعيدة أم حزينة المرة أو الحلوة للأمم والافراد بل للبشرية جمعاء وهي کل ما نمر به وأعتدنا عليه في ماضينا أو الحاضر والمستقبل لذا نرى يصعب اخراج التجارب من التکامل البنيوي لشخصية الانسان وأفعاله ولأهمية التجارب وفوائدها الكثيرة نلقي الضوء علی بعض الزوايا الخفية لهذه الحقيقة المهمة والحيوية في حياتنا بفرض حصارا جائرا علی بني جلدتهم وهى الصبر علي الأزمات التي يمر بها مع العلم بأن أكثر المواطنين في تلك الدول يتعاطفون مع اخوانهم المصريين

لكن علينا ألا ننسی بأن التجربة هي سنة الحياة ولا تخلو الحياة من التجارب أبدا كما قال الله عزوجل في كتابه الحكيم واشارة منه الی تعريف الحياة ومقاصدها (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) 

ولان حدود الصبر بالنسبة للمواطن مرتبط بتكلفة المعيشة لأن الواقع فرض علي الجميع أن الأسعار التي يدفعها المواطن لشراء السلع تفوق إمكانياته ويضطر المواطن إما أن يحرم نفسه من بعض المتطلبات أو أن يكون الحرمان من استهلاكها شبه كامل وإننا لا نتكلم هنا عن الوصول إلي درجة الجوع الذي لم نصل إليه بعد ولكن يجب أن نتنبه أن الصبر أمام الحرمان له حدود يدفع بعدها إلي درجة تقرب من الثورة علي ظروف وقسوة الحياة التي يعيشها ومن المحاولات التي تبذلها الدولة لمساعدة معيشة المواطنين التي تأتي من جانب القوات المسلحة حينما تضع أمام المواطن بعض احتياجات المأكل والمشرب من إمكانياتها الخاصة كمساعدة وطنية تمثل مشاركة في لقمة العيش 

ويأتي بعد ذلك الصبر المطلوب من الدولة في مواجهة المطلوب من إمكانيات ورءوس أموال تدفعها الدولة سواء لتمويل السكن الاجتماعي أو الدعم

كيف تستطيع الدولة أن تقوم بهذه الإمتيازات وأن تحافظ بقدر الإمكان علي استقرار ميزانيتها وأن تستطيع تمويل وتغطية العجز وأن تدفع مرتبات موظفي الحكومة والصبر المطلوب هنا من الدولة مختلف عن الصبر المطلوب من المواطن فالمطلوب هنا من الدولة هو الجهد المستمر في عمل توازن بين اضطرارها للقروض وقدراتها علي تمويل احتياجات الدولة في إنفاقها وتغطية التزاماتها

والعجيب أن العالم أجمع يعيش ظروفاً بالغة الصعوبة سواء بالنسبة للمواطن أو الدولة 

لقد عشت سنوات طويلة وكانت ظروف المعيشة مختلفة عن السنوات الأخيرة التي ارتفعت فيها الأسعار واختل ميزان المدفوعات وبالتالي أصبحت الحياة أكثر صعوبة

وأذكر في سنوات السبعينيات والثمانيات والتسعنيات حتى فى القرن العشرين كانت أسعار المعيشة والسكن معتدلة جداً لاسيما بالنسبة لنا 

وهل لنا أن ننظر للمستقبل لنقول هل هناك من حلول تساعد المواطن علي مزيد من الصبر وهل الدولة عندها مزيد من القدرة علي احتمال الأعباء بالنسبة للمواطن أقولها بصراحة لا تستطيع الدوله الوقوف بجانب صبر المواطن والتي أصبح مطلوب منه مزيد من الدخل للأنفاق علي اسرتة ومعيشتها المكلفة و من يراقب أسلوب المواطن في الحياة فسيلاحظ أن الحياة صعبة لعدة أسباب أهمها  

 أنه لا يعمل بالقدر الكافي ويريد أن يتكسب أكثر وأكثر وهذه معادلة شبه مستحيلة 

وهناك زاوية أخري لدور الدولة ودور المواطن وهو أن نتخيل نوعا من التعاون والتكامل بين دور الدولة ودور المواطن فعلي المواطن أن يعي أنه يقوم بدور فعال بدافع من إعلاء المصلحة الوطنية وبوعي كامل بأن مصلحة الوطن ومصلحة المواطن ومصلحة الدولة كل منهما جزء لا يتجزأ

كما أن الدولة بدورها إنطلاقاً من مبدأ أن الدولة في خدمة المواطن مطالبة بجهد وصبر ليشعر المواطن أن الدولة بجانبه تستجيب إلي احتياجاته ومطالبه 

تكلمنا في بداية المقال عن حدود صبر المواطن أما عن حدود صبر الدولة فقد تكلمنا عنه أيضاً وضرورة حماية استقرار الاقتصاد وميزانية الدولة وفي النهاية لابد أن نذهب إلي لغة الحسابات العاقلة والمحسوبة ولكن أذكر فيما يخص المواطن عن الأهمية القصوي لدفعه وتشجيعه نحو العمل ثم العمل ثم العمل 

الخلاصة 

إن مجتمعنا في حاجة إلي ثقافة العمل بل وتقديس قيمته وأن يبذل الإعلام جهداً ليشرح للرأي العام والجمهور أن العمل شرف وإلتزام يعطي للمواطن حق العيش بكرامة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *