انور ابو الخير يكتب : يوم الوفاء لمربي الأجيال

انور ابو الخير يكتب : يوم الوفاء لمربي الأجيال


أنه ليوم نحتفي فيه بيوم الوفاء لمربي الأجيال الأستاذ // طارق السيد خير الله
كم هي قاسية لحظات الوداع والفراق التي تسجل وتختزن في القلب والذاكرة
و كم نشعر بالحزن وفداحة الخسارة والفجيعة ونختنق بالدموع ونحن نودع واحداً من جيل المربين والأساتذة الافاضل المؤمنين بالرسالة التربوية العظيمة الناكرين للذات من ذلك الزمن الجميل البعيد أستاذنا جميعاً المربي المرحوم// طارق خير الله الذي فارق الدنيا بعد مسيرة عطاء عريضة ومشوار حياة في السلك التعليمي والعمل التربوي والاجتماعي تاركاً سيرة عطرة و ذكرى طيبة وروحاً نقية وعبق أريج نرجسة في ربى الروحة وشذا شجرة برتقال يافية وميراثاً من القيم والمثل النبيلة
عرفناك يا أستاذ/طارق ياأبن آل خير الله هادئاً متواضعاً قنوعاً ملتزماً بانسانيتك وواجباتك حملت الأمانة باخلاص طوال 25 سنه واعطيت للعلم والوطن جهدك وخبرتك وتجربتك وحبك للجميع ورفضت تقليد المناصب الأعلى حتي تبقي بين أبناءك معلما ورسولا للعلم
تمتعت استاذنا بخصال ومزايا حميدة كحسن الخلق وطيبة المعشر وسماحة القلب والتفاني في طلب العلم وكل ذلك زادك احتراماً وتقديراً ومحبة في قلوب زملائك وطلابك وكل من عرفك والتقى بك
إنك بحق يا أستاذنا الجليل تعد رسول علم ومعرفة وهامة من هامات العطاء والتضحية فكنت نعم الأستاذ أنت لقد وكنت قدوة ونموذجاً حازماً في الأمور التي تطلب الحزم ولامهادنة على حساب العلم وكنت مثلاً يحتذى به في الخير واعطيت كل ما لديك في سبيل تطور وتقدم وبناء الوطن وحق لك أن تمنح لقب (( ابوالعلم ))

فهنالك أشخاص يعبرون في دنيا البشر يأبون أن يكون مرورهم فيها عادياً
و معلم الاجيال المرحوم // طارق السيد خير الله الذي غادرنا الى دار البقاء جسد فقط أما روحه فباقية تتجدد ثمارها ويتجذر أصلها ويسمو فرعها في السماء
كان رحمه الله مثال العمل الدؤوب والإصرار والمثابرة التي لطالما جلبت له حب وإخلاص أهله واقربائه وتلامذته وزملائه وكل من عرفه عصمان اختتم حياته في التربية والتعليم انطلاقا من شعوره الإنساني والديني بنيل الرسالة التربوية التي تطوق عنقه فقد كان رحمه الله مثال الإنسان النافع الجاد المعطاء بتجربته الغنية التي تتجلى في نتائجه تلك النتائج التي أضحت بعد مماته قيمة إيجابية
لست هنا في موقع الشهادة للفقيد أو عد مناقبه والسلوكيات والصفات الحميدة التي تحلى بها إذ لا يمكنني مهما أوتيت من بلاغة وحسن تصوير أن أوفيه حقه ولكن حسبي ان أتغيا في هذا المقام الجليل دعوة زملائه الذين لا يزالون يمارسون هذه المهنة الشريفة و كل من تتلمذ على يديه مهما كان موقعهم اليوم في معترك الحياة إلى السير قدماً على النهج الذي سلكه كما أود أن أهمس في آذان بعض ممن أبنوه أن أحسن تأبين يريح روح الأستاذ // طارق السيد خير الراضية المرضية هو استخلاص العبر من ذكرى وفاته بتحصين إنجازاته وانتهاج سلوكه وتقفي خطاه وأن أحسن شهادة تقدم في حقه ليست هي الكلمات مهما كانت منمقة ومختارة بل هي العمل من بعده بجد واخلاص والاحتذاء بسجاياه و والتحلي بصفاته الحميدة التي ظلت عالقة في أذهان كل الذين عملوا معه حتى يستحقوا مثله هذا الذكر الطيب في حياتهم وبعد مماتهم ؟ هذه هي الدروس وهذه هي العبر التي يجب استخلاصها من تأبين هذا المعلم العظيم الذي كانت تتلخص فلسفته في الحياة في العمل الجاد الجاد والعطاء بغير حساب ومحبة الآخرين لذلك كان قريبا من قلوب الجميع وبقىت ذكراه عطرة في المدارس التي عمل بها والتي ضحى من أجلها وأمضى فيها خيرة سنوات حياته
اليوم وفي أوج الازمة التي تعرفها المنظومة التربوية ما أكثر المعلمين إلا أن المعلمين المجدين مثال الأستاذ // طارق خير الله من الذين يعطون ما عندهم بغير حساب و يتركون بصماتهم في أماكن عملهم ويشتغلون كما الشموع في محاربة جيوش ظلام الجهل وقلة المعرفة ومن أجل اضاءة الطريق طريق الخير والعطاء طريق النور والمعرفة للأجيال القادمة من بعدهم هؤلاء المعلمون مع الاسف الشديد عملة نادرة ونادرة جدا فهذا الرعيل من الهامات العالية يمثل خسارة كبيرة للعلم كمعلم له بصمات واضحة في مسار العملية التربوية طوال فترة حياتة التاريخية التعليمية لهذه البلد لانه أعطي دون حدود ودون كلل أو ملل كل ما لديه في مهنة هي من أصعب المهن على الإطلاق لأنها تعنى ببناء الإنسان وبناء المجتمع وبناء الوطن وقد كانوا أفضل من أدى هذا الدور حتى في أصعب الظروف تلامذته اليوم ينتشرون في أصقاع الوطن كافة وقد برعوا في شتى ميادين العلم والمعرفة يتميزون بكفاءاتهم العالية وأخلاقهم الحميدة وبشعور كبير من الإمتنان والمحبة لمن علمهم حرفا فصير كلا منهم حرا وليس عبدا على الإطلاق و حري بأن يسجل اسمه في سجل الخالدين ويحق له أن تقر اعينه لانه خالدون فيما عملوا وقدموا وضحوا رحم الله الأستاذ طارق رحمة واسعة وألهم ذويه الصبر والسلوان والى جنات الخلود حيث نعيم الآخرة لأنه أهل لهذا النعيم
ووفاء لروح الفقيد و إحياء لذكراه و ترسيخا لثقافة الاعتراف بمنجزاته في نفوس الأجيال وعرفانا بما أسداه من خدمات لقطاع التعليم وللاجيال المتعاقبة بين يديه وتخليدا لاسمه ومسيرته التربية الباهرة
فيايها المعلم نم مرتاح البال والضمير فقد أديت الامانة وقمت بدورك على أحسن وجه والرجال الصادقون أمثالك لا يموتون وما لي في وقفة الوداع سوى هذين البيتين من الشعر قالهما شاعر النيل حافظ ابراهيم في رثاء صديقه ومجايله أمير الشعراء احمد شوقي
خلفت في الدنيا بياناً خالداً وتركت أجيالاً من الأبناء
وغداً سيذكرك الزمان لم يزل للدهر انصاف وحسن جزاء
فطوبى لك يا عاشقا لبلدك ووطنك وطوبى لك يا عاشقا للغتك وتراثك وطوبى لك يا عاشقا لتخصصك وطلابك لقد كنت عظيما في حياتك وانت اليوم عظيماً بعد مماتك
ولله در القائل
الناس تفنى وفى الدنيا شمائلها تحيا مع الحى لا تفنى مع الحقب
الى رحمة الله بالالام نذكرها سر يا عزيزا ابكى فقده الكتب
تغمد الله الفقيد بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته أمين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *