الدكتور أشرف عطية.. يكتب / العلوم الانسانية والاجتماعية
بقلم / الدكتور أشرف عطية رئيس مجلس إدارة مجموعة اوميجا جيت
من واقع الأحداث المريرة التي تمر بها الحالة التعليمية في مصر والتي تؤثر تأثيرا مباشرا على الانسان والمجتمع والوطن ، كان الحراك الداخلي والفكر الانساني نحو وطني دافعا لكتابة هذا المقال .
حيث تساهم العلوم الإنسانية فىِ بناء المشهد الثقافىِ لخدمة الإنسان والمجتمع والوطن لأن تنمية أىِ مجتمع ووطن وتطوره لايعتمد فقط على التقدم في العلوم الطبيعية والكونية والرياضيات والطب والهندسة بل أيضا بتقدم العلوم الإنسانية والاجتماعية ، ومن هنا ينشأ الفكر الإنسانىِ الذىِ يساعد على البناء والتنمية والنمو والتقدم ، ويدعو إلى التكامل فىِ حركة المجتمع، من خلال التركيز على توجيه الثقافة والفنون والعلوم والآداب والاقتصاد نحو النمو والتكامل ، وهذه العلوم تلعب دورًا مهمًا فىِ تحليل الظروف التىِ يمر بها المجتمع وما اكثر احتياج مصر الى هذه العلوم في هذه المرحلة العصيبة والتحديات التي تمر بها البلاد ، فالعلوم الانسانية تبنى وتتركب حول ضرورة التفكير النقدىِ للمجتمع وممارساته فىِ فترات زمنية معينة وبمختلف الطرق الممكنة، مما يساعد على بناء وتطوير قاعدة علمية ، تعليمية وبحثية فىِ مجالات العلوم الإنسانية المعاصرة ، بما يرسخ فكرة التداخل والإندماج والتكامل بين مختلف المعارف والعلوم والتنوع العلمىِ والثقافىِ لخدمة الإنسان والمجتمع والوطن .
والمجتمع المصري الآن في أشد الحاجه الى العلوم الانسانية من أجل تجاوز المشاكل الاجتماعية والاقتصادية المتعددة والتي نواجهها سواء كانت هذه المشاكل ذات طابع فردي أو على مستوى المجتمع في مصر ، فلا يمكن الاستغناء مهما كانت الظروف عن تعليم العلوم الانسانية والتي تقوم بدور كبير في الحياة الانسانية مهما تطورت العلوم الأخرى ومهما قدمت وسائل الرفاهية والمساعدة للإنسان والمجتمع .
وللانسان تركيبة معقدة من المشاعر والعواطف والأحاسيس والأفكار يحتاج دائما معها إعادة تفكير وترتيب وتحديد الأولويات والتغيير في جميع الامور الحياتية وكل هذه الاشياء لا تعطيها الا العلوم الانسانية .
وفي السنوات القليلة الماضية إزداد الاهتمام بالعلوم الانسانية فظهرت بعض التخصصات المهمة ضمن العلوم الانسانية كعلم النفس الاجتماعي والتاريخ الاقتصادي والجيوسياسيه وغيرهم ، حيث تم المزج بين العلوم ومن خلال هذا المزج تم التوصل الى بعض النتائج والحقائق عن المعرفة الانسانية ، مما يساهم في زيادة الوعي الانساني والتقدم العلمي والتي تساهم بشكل كبير في المشهد الثقافي لخدمة الانسان والمجتمع من خلال إعداد موارد بشرية مهنية وأكاديمية قادرة على تقديم حلول مبتكرة لمختلف المشكلات الاجتماعية والاقتصادية بما يفي بالاحتياجات التنموية للبلد ، ونتناول فيما يلي الوظائف الاساسية التي تقوم بها العلوم الانسانية :
أولا : التنظيم والتنشئة الاجتماعية :
ويعني التنظيم الاجتماعي ، الوحدة الاجتماعية والتي يخطط لها لتحقيق أهداف محددة تتناسب مع الاهداف العامة للمجتمع . ويعني ذلك إيجاد نظام إجتماعي متكامل لأن غياب التخطيط والتنظيم يؤدي الى تبديد طاقة الأفراد والمجتمع دون فائدة .
والتنظيم الاجتماعي يعمل على صقل الأفراد وإعداد مواطن صالح في ظل المشاكل الاجتماعية الكثيرة التي تسببت في انحلال الاسرة والمجتمع والتي تؤثر على الوطن بأكمله ، ويهتم التنظيم والتنشئة الاجتماعية من خلال تعليم العلوم الانسانية الالتحام بين افراد الشعب والمجتمع والتي تقاوم الصراع الطبقي داخل المجتمع والقضاء عليه او توجيهه توجيها يفيد المجتمع . وهذا التنظيم يحقق غايات عديدة تتمثل فيما يلي :
1 – ترسيخ وتعليم طرق التفاعل الاجتماعي والأدوار الاجتماعية والمعايير التي تحدد هذه الادوار .
2 – تقسيم العمل وتوزيع المناصب وفقا للكفاءات بين أفراد المجتمع .
3 – تنظيم الاتصال بين أفراد المجتمع والقضاء على العزلة .
4 – تنظيم النشاط الاجتماعي وإعداد الخطط والبرامج للوصول الى اهداف وغايات تلبي حاجات المجتمع .
5 – إكتساب الاتجاهات والانماط السلوكية والتي يرتضيها المجتمع ويوافق عليها .
6 – التدعيم الذاتي المستمر للتنظيم من قبل الافراد وخلق الانسجام بين الفرد والبيئة الاجتماعية .
7 – خلق بيئة اجتماعية تسمح للأفراد بأن يعبروا عن عواطفهم ومشاعرهم واتجاهاتهم بكل حرية وخلق الانسجام والتعاون والتآلف بين افراد المجتمع والوطن .
ومن هنا نجد أن التنظيم الاجتماعي يعمل على خلق الوحدة الوطنية بين أفراد المجتمع ويزيد من أواصر التعاون والصلة بينهم ، كما أن التنشئة الاجتماعية تعتبر من أهم عوامل بناء هوية المجتمعات والأوطان ومستقبلها وحركتها وفاعليتها وهي من أهم العمليات المسئولة عن الاستفادة من المجتمع وتلبية إحتياجاته ، لذا فإن العلوم الانسانية تخلق الحافز والرغبة لدى الفرد في العمل والالتحام مع باقي المجتمع ومن هنا تزيد الانتاجية وتحقيق أهداف المجتمع والوطن في ظل المشاكل والتحديات الحالية . وللحديث بقية في سلسلة أجزاء .
خالص تحياتي وتقديري
د. أشرف عطيه